فصول في التفكير الموضوعي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

 

الحمد لله رب العالمين على ما تواتر من نعمه ، وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد نبي الرحمة وإمام الهدى وعلى آله وأصحابه ، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين .

وبعد :

فقد امتن الله تعالى على هذه الأمة بأن بعث فيها رسولا من أنفسها ، ليدلها على مقاطع الرشد ومراشد الحق ، ولتنعم بخيري الدنيا والآخرة ، وقد أدى – فداه أبي وأمي – الأمانة وبلغ الرسالة ، ونصح للأمة ، فتركها على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .

وقام المسلمون بواجب الدعوة ، فانساحوا في الأرض معلمين وفاتحين ، فأنقذ الله بهم من النار أمما وشعوبا ، وفتحوا في نحو نصف قرن ما يزيد على أربعين ألفا من المدن والقرى والحصون ، وكان ذلك تعبيرا حيا عن الطاقة الهائلة التي ولدها الإسلام في نفوس أتباعه .وهذا الانتشار الواسع أدى إلى امتزاج شعوب متباينة وثقافات مختلفة ، وصار الأمر يتطلب – بصورة متزايدة – اجتهادا متناميا من أجل دمج تلك الثقافات في مزاج عام مؤطر بالشريعة الغراء .

ومن أجل وعي مستمر بالذات ، والتمييز بين ماهو موجود في حياة المسلمين نتيجة الامتثال للآمر الشرعي ، وبين ما اصطحبته معها تلك الشعوب من جاهلياتها ، حتى لا تختلط الرؤية ، ولا تضطرب المفاهيم والمثل العليا التي تمثل مركز الجذب لفعاليات الأمة وأنشطتها المختلفة .

وظل الانسجام بين مطالب الهوية ، ومطالب الحياة المختلفة سيد الموقف فترة طويلة من الزمن تمثل فترة الازدهار والنمو ، ثم أخذ يختل شيئا فشيئا حتى آل الأمر بالأمة الفاتحة إلى الانحسار والانكسار ، وأصبح الخوف على ذاتها من الذوبان في الأمم الأخرى شغلها الشاغل وحلمها الوردي .ولسنا هنا بصدد تحليل الأسباب والعلل التي أدت إلى ذلك ، وإنما نريد أن نرسم ملامح أحد المداخل الهامة لذلك .

قد ألقى بنا التاريخ بعيدا عن جنانه ، وأصبحنا خارج دائرته ، نبحث عن مكان في مؤخرة القافلة ، فلا نجد !! . وإذا ما أردنا العودة إليه فإن أول ما ينبغي علينا أن نفعله هو دراسة الأسباب التي أدت بنا إلى ذلك ، ولكن ذلك ليس بالأمر اليسير المذلل ، حيث إن تراكمات سلبية كثيرة تجمعت في حياتنا تحول دون رؤية ناضجة ، ودون امتلاك الأدوات الكافية لمعرفة ذلك وتحليله تحليلا دقيقا .

ولعل من أهم الأدوات التي ينبغي أن نقبض عليها القدرة على رؤية موضوعية بعيدة عن الهوى والذاتية والقراءات الناقصة …هذه الرؤية تمتد عبر القرون ؛ لتزودنا بالحس المرهف القادر على استشفاف العوامل التي أدت إلى هذه الحالة المنكورة التي نحن عليها اليوم ، وإدراك المعوقات التي تشل فاعلية الأمة وقدرتها على الخروج من نفق الظلمات .

كما تمتد لتستشرف آفاق المستقبل الرحب الذي نتشوف إليه ؛ ولن يحصل من ذلك شيء إلا إذا امتلكنا فضيلة الصبر والجلد على إعمال الفكر ، وتقليب النظر ، والكف عن ( التكديس الذري ) للمعلومات دون الوقوف على النواميس العليا التي تنتظمها في مسارات محددة ، وتوزعها على مفاهيم واضحة تخرجنا من التيه ، وتعصمنا من العيش في الأوهام وردود الأفعال .

ولن يكون هذا عسير إذا ما أدركنا أهمية ذلك وتذرعنا إليه بالصبر والجلد ؛ والله حسبنا ونعم الوكيل .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الأفكار والمقولات العامة

 

 

– جعل الله – جل وعلا – الدنيا داراً للابتلاء؛ فوفر فيها كل شروط الابتلاء .

– إن الثروة الحقيقية لأية أمة لا تكمن في المال ، وإنما في كمية الأفكار البناءة التي تخلصها من قيود الضرورات .

– لسان حال كثير من الناس عندنا يقول : ” مشكلاتنا صنعها الجيل السابق ، وسوف يحلها الجيل اللاحق ” !!.

– حين تأخذ أمة في التراجع ، فإن مُثلها تكف عن الفعل ، وتنسحب المضامين من كثير من أنشطتها .

– إن النظم الاجتماعية ، تمثل خط الدفاع الأول عن المبادئ ، فإذا ما هزلت أو انهارت ، أخذ العطب يسري إلى المبادئ نفسها .

– إن السنة تجسد العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل .

– ما من حالة إلا يمكن إدخال شيء من التحسين عليها ، بتكثير ما فيها من الخير ، أو تقليل ما فيها من الشر .

– التفكير أشق عمل يقوم به الإنسان لذلك لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة .

– لا تفكير بدون وجود مشكلات ، ولو قدر للعالم أن يقبض على حلول لجميع مشكلاته ، لانتهى إذا التفكير الجاد .

– إن أبرز صفات المفكر أنه يمتلك رؤية نقدية ، ينقل من خلالها تناقضات مجتمعة إلى حس الناس وأعصابهم .

– كانوا يقولون العالم من يعرف كل شيء عن شيء ، وشيئا عن كل شيء .

– إذا كنت تقرأ لتوفر على نفسك التفكير ، فقد يكون من الخير لك أن توقف القراءة على نحو تام .

– إن القراءة لا تمد العقل إلى بحور المعرفة ، لكن التفكير هو الذي يجعل ما نقرؤه ملكا لنا .

– إن تاريخ التقدم العلمي ، ماهو إلا نوع من الجهاد ضد التفسيرات الخاطئة .

– إن المفكر الذي تسيطر عليه مقولة : ( إما هذا وإما ذاك ) لن يستطيع الاستمرار في التفكير ، وغالبا ما يأخذ إجازة مفتوحة .

– إن الإنسان البدائي أقل صبرا على البحث والملاحظة، وأسرع إلى إطلاق الأحكام الكبيرة .

– ليس من العلم في شيء أن نولد نتائج يقينية من مقدمات ظنية ، أو أن نسوقها سوق القطعيات .

– لا يكون العلم علما حتى يكون عالميا.- إن نقد الذات ، سيظل مقياسا دقيقا بالذات وبالزمان .

– حين تكون أواسط الأشياء ذات تغيرات متصلة ، فإنه يصعب رسم حدود فاصلة بين أجزائها .

– زج العقل في غير دوائر عمله إرباك له ، وحط من قدره .

– البعد عن الظنون أسهل من الناحية الفنية والموضوعية من البعد عن الأهواء .

– إن الإنسان حين يفقد انسجامه الذاتي ، يخوض حربا أهلية ، هو ساحتها وأسلحتها ومحاربوها .

– ما كان لا يتأثر باختلاف الزمان والمكان ، جاء في الشريعة مفصلا ، كما في العقائد والعبادات الشعائرية .

– حين جاء الإسلام كانت ( الحقيقة ) في الجزيرة موزعة على أرصدة الزعماء والأثرياء والأوثان والأشباح .

– حين يخفت صوت المنهج ، أو تشوه صورته ، فإن المقاييس الذاتية تكون حينئذ هي البديل الجاهز .

– ليس النقد مختصا ببيان العيوب والمثالب فحسب ، وإنما هو بيان لمساحات الخير والجمال أيضا .

– لم تستطع أوروبا أن تتقدم إلا بعد أن تحررت من قيود منطق أرسطو .

– الإنسان يتغير باستمرار ، وهو خلال ذلك يتأرجح بين المراهقة والنضج والهداية العملية .

– أهل الحق يكتبون ما لهم ، وما عليهم ، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم !.

– الامتداد يأتي دائما بما يخالف الاتجاه .

– حين تصطدم ثقافة بثقافة أخرى ، فإن كلا منهما تعزز من الأفكار والحرمات ماتدافع به عن وجودها .

– يظل ( الواقع ) محاطا بالضرورات ، على حين ينتمي ( المثال ) إلى عالم مطلق ، هو عالم ( ما ينبغي أن يكون ) .

– الاعتراف بالواقع شرط للنهوض به .

– إن لكل حادث من الحوادث ذاتا كان أو فعلا طبيعة تخصه في ذاته ، وفيما يعرض من أحواله .

– جعل الدين قسمين أصولا وفروعا ، لم يكن معروفا عند الصحابة والتابعين ، وأدخله بعضهم إلى كتب أصول الفقه نقلا عن المعتزلة .

– إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما .

– يحتمل الضرر الخاص بدفع الضرر العام .

– إن كثيرا من الحقائق يظل هلاميا ، قابلا لتشكيلات عديدة ، وإن الذين يفسرونها هم الذين يقومون بتشكيلها .

– تمثل المبالغة حيال مسألة من المسائل نوعا من التفلت من القيود التي تحكم تلك الحقيقة .

– ليس هناك شخص أو مذهب في أي علم من العلوم ، انفرد بالصواب كله ، كما أنه ليس هناك من مضى بالخطأ كله .

– إن من أكبر وظائف المسلم في هذه الحياة أن يحق الحق ، ويبطل الباطل ، ولو عظم مناصروه والمستفيدون منه .

– تحتاج الموضوعية إلى نوع من الجهاد على مستوى الإرادة ، وعلى مستوى القدرة ، حتى لا نقع في التحيز والهوى .

– الالتزام انحياز إلى قطعيات ، على حين أن التعصب انحياز إلى الظنيات ، والاجتهاديات .

– الأشياء تتميز بأضداد معا ، وإن للشوهاء فضلاً على الحسناء .

– ما لم يتغير التركيب العقلي لدينا ، فإن ظروف الحياة المتجددة سوف تولد أنواعا جديدة من التعصب .

– الحضارة التي تنتزع الإعجاب ، هي الحضارة التي يجتمع فيها ما تفرق في غيرها.

– إن الحضارة التي لا تستطيع إقامة التوازن بين جوانبها الروحية والمادية ، لا تعمر طويلا .

– إن الدراسات الإنسانية المبدعة ، تظل بالنسبة للأمم بمثابة المخ ، وتظل الدراسات التطبيقية بمثابة اليد ، ولا غنى لها عن أى منهما .

– إن الأسباب الرئيسة للأمراض التي نعيشها ليست كثيرة ، لكنها تسبب ما لا يحصى من الأمراض والعلل .

– حين تكون البيئة الثقافية فقيرة ، فإن عقلية أبنائها تميل إلى التصلب في التعامل مع الأشياء والأحداث .

– إن الإنسان الذي يرى أنماطا مختلفة يكون أقدر على إبداع الوسائل والاندفاع في ميادين الحضارة المختلفة .

– سيكون الحوار محدود الفائدة إذا جرى بين أشخاص تهيكلت ثقافتهم على التقليد والنقل لأقوال زيد وعمرو .

– إذا كنا نرفض الحوار فإن رفضنا للنقد سيكون أشد .

– الذين يفكرون في اتجاه واحد ، ينظرون إلى كل المشكلات الكبرى على أنها كتلة صلدة أحادية التركيب .

– ما من ظاهرة إلا يمكن إحداث شيء من التغيير فيها عن طريق تغيير علاقات السيطرة ، وتبديل وضعها واستثمار الإمكانات القائمة في تناقضاتها الذاتية .

– من الغلط تفسير أية ظهرة اجتماعية بعامل واحد ؛ لأن ذلك يعني تمزيق أعمال الإنسان الاجتماعي إلى وحدات منفصلة .

– النظر المتأمل يفضي إلى أنه ليس هناك شيء بسيط .

– يميل الناس إلى إدراك الخطأ في المواقف ؛ لأن نقد المناهج شاق .

– في أوقات الأزمات يميل الناس إلى ( التبسيط ) ويكون تعقيد الصورة أمرا مكروها.

– إن تبسيط الأمور عدو لدود للملاحظة والتجريب والتخصص .

– إذا كان تعذيب الناس يعد جريمة فإن تشكيل عقولهم على نحو خرافي هو جريمة أكبر .

– إن من المسلم به أن الوعي بالذات كثيرا ما يتوقف على الوعي بالأخر .

– إن نوعا من العطالة والانغلاق قد يكون ضروريا حين تتعرض ثقافة الأمة إلى دفق ثقافي أجنبي يباين مكوناتها الأساسية .

– للأقوياء دائما طريقهم الذي يسلكونه ، أما الضعفاء ، فإنهم يتصرفون بطريقة أقرب ما تكون إلى صراع الفأر داخل المصيدة !.

– أخطر ما في الانغلاق هو تشكيل العقل الخيالي الذي يحمل أفكارا مغلوطة عن الواقع المعاش، وعن الأوضاع العالمية.

– إن الانطلاق يولد الخبرة ، والخبرة تولد الثقة بالنفس ، والمنغلقون على ما لديهم لا يستطيعون إلا أن يكونوا خائفين .

– سوف يستمر الجدل بين الحق والباطل ؛ لأن ذلك من مقومات الابتلاء في هذه الحياة .

– الصراع يصلب روح المقاومة ، والرخاء والاستقرار قد يؤديان إلى الترهل .

– كثيرا ما قرأنا في التاريخ عن عبيد أعتقهم سادتهم ، فتشبثوا بالرق ؛ لأن حياتهم مع الحرية غير ممكنة!.

– إن القرأن الكريم يعلمنا أن أساس المشكلة لا ينبثق من وجود الآخر ، فالآخر موجود ؛ لكن ينبثق من وجودنا القاصر المريض .

– إن التفسير التآمري للتاريخ سوف يولد لدينا نوعا من الجبرية والاستسلام للمصير المحتوم ، ونوعا من الإعاقة عن النقد الذاتي .

– لكل قاعدة شواذ ، والشذوذ لايجرح القاعدة ، لكنه يؤكدها .

– ظل التقدم الحضاري مرتبطا بالإحصاء ، الذي يعطي القاعدة مساحتها ، ويعطي الشذوذ حجمه الطبيعي .

– إن حل مشكلات الأمة ، لا يمكن أن يعلق على شخص متميز أو قائد فذ ، وإنما هو مذخور في دم كل مسلم .

– إن التبسيط كثيرا ما يصاحبه الغي والطغيان .

– النقد يرقي بالعمل ، ويوجهه وينضجه ، ولا يتأذى منه بشكل عام إلا الحالات المريضة .

– في هذا الوجود علاقة جدلية بين الكم والكيف ، ويستحيل على الإنسان المحدود الطاقات أن يحول كل ( كم ) إلى كيف .

– إن هناك مفارقة أبدية بين النظرية والتطبيق .

– إن الثوابت في أي منهج تلقي الضوء على المتحركات ، كما أن المتحركات تلقي الضوء على الثوابت .

– إن الرسم في الفراغ ، من شأنه إثارة المشكلات وقلب الثوابت إلى متحولات ، والمتحولات إلى ثوابت .

– من النماذج الحية الراقية ، نستمد طاقات العمل التنفيذي ، وبالفكر المستنير نبين ملامح الطرق .

– هناك نزوع شديد نحو الاستهلاك حتى صار الإنسان الاستهلاكي هوالرضيع الأبدي الذي لا يكف عن طلب الرضاعة .

– صار محور إثبات الذات ما يمتلكه الإنسان ، لا ما يتمتع به من خصائص وملكات .

– كانت الصداقات رصيدا مذخورا لأيام الشدائد ، وصارت اليوم عبئا !.

– حين تصبح العلاقات عبئا ، تصبح شكلية ، وتفقد خاصية الدفء والإسعاد .

– إن السعادة ، لا تنبع إلا من الداخل ، وإن قانونها هو ( خذ ) وليس ( هات ) .

– مبدأضرورة استمرار النقد أن الإنسان خطاء ، وأنه لا يستطيع القبض على الحقيقة الكاملة دفعة واحدة .

– النقد الذاتي لدى كثير من الجماعات معدوم ، والنقد الخارجي مرفوض !.

– إن الجماهير تستدرج الخاصة ، حتى إذا جد الجد كان على الخاصة أن يدبروا حلا!.

– إن العامة حين يرون العالم العامل يكونون معه أشبه بالطفل في حجر أمه !.

– إن النفاق للحكام هو النفاق الجلي ، أما النفاق للعامة والشباب فهو النفاق الخفي !.

– إن من غير الموضوعية أن نسارع إلى تحليل النصوص والأفكار قبل أن نتيقن أننا قبضنا على أدوات فهمها على نحو كاف .

– من خلال الفعل ورد الفعل نحفظ التوازن العام لحياتنا العقلية والنفسية والاجتماعية .

– إن محصلة اصطدام الآراء المتطرفة بآراء متطرفة أخرى ستكون في النهاية ولادة مزاج معتدل بين أبوين غير شرعيين .

– كلما ازداد الضغط على جانب ( النقل ) في المنهج ، برز إلى الوجود تيارات عقلية ، تدير ظهرها للنصوص والآثار .

– إن الموضوعية ليست درسا نحفظه ، ولاهي شعارات نرددها ، وإنما هي إرادة وقدرة ، وعلم وعمل ، وسيظل التزامها نسبيا .

– امدح أكثر تنال أكثر ، وعلى الذين يحترمون أنفسهم أن يدفعوا الثمن .

– يقوم جوهر الحوار على أن يري كل طرف الطرف الآخر ما لا يراه .

– إذا علمنا أن كل قديم كان يوما ما حديثا ، وكل حديث سيكون يوما ما قديما ، وجب أن نستخدم مع كل منهما معايير ومناهج عادلة دون تقديس أو استخفاف .

 

 

 

 

 

 

الخاتمة

 

 

إن أملي في سيرورة تفكيرنا نحو العافية ، ووجود النقد الذاتي – الذي مارسنا شيئا منه في هذا الكتاب – أمارة العافية التي ننشدها ، ولا تملك هذه الأمة خيارات كثيرة في تحديد مسارها وأهدافها ؛ فالمسار مرسوم والأهداف مرسومة وآليات تحقيق ذلك واضحة في أذهان كثيرين منا ، لكن لابد من المراجعة المستمرة للوقوف على مدى انسجام أحوالنا وأوضاعنا وجهودنا مع كل ذلك .

وربما لاحظ القارئ الكريم بعض الأفكار الجديدة عليه ، أو على البيئة التي يعيش فيها ، أو على الثقافة التي ألفها ؛ فإن من الطبيعي ألا يتفق القارئ معي في كل ما قلته ، وهذه طبيعة بشرية ؛ فنحن نتلقى الكتاب الذي ليس فيه شيء من الجديد بالبرود والعزوف؛ لأنه يفقد مبررات تأليفه وبيعه وشرائه ، ونتلقى الكتاب الذي قد يحمل بعض الجديد بالشك والحذر والنقد وهذا وارد .

وهذه هي المكافأة السخية التي يتلقاها المؤلف من القارئ ، ومن ثم فإني سوف أكون مغتبطا بكل نقد بناء يتوجه إلى هذا الكتاب بغية مزيد من الرشد والنضج !. وإذا ما وقف القارئ على بعض الصور النقدية التي لا يرتاح لها لسبب من الأسباب فليوقن أني كتبت كثيرا من ذلك وقلبي ضد كتابته .

لكن طلب العافية والغيرة على حالة هذه الأمة كانت الدافع إلى بعض العمل الجراحي المؤلم ؛ عسى الله أن يعيننا على التغيير ؛ فيغفر لنا ؛ وهو مولانا إنه نعم المولى ، ونعم النصير ؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ؛ وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .