تشكيل عقلية إسلامية معاصرة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

                                                       المقدمة

الحمد لله رب العالمين حمد الشاكرين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين .

وبعد :

هذا هو الكتاب الثالث من سلسلة (تنمية الشخصية) ، وقد كان الكتاب الأول بعنوان (اكتشاف الذات) ، أما الكتاب الثاني فقد كان بعنوان (خطوة نحو التفكير القويم) ، وقد ذكرت في مقدمة ذلك الكتاب أنني اتخذت منه مدخلاً ومقدمة لكتابي هذا.

وكنت أسعى إلى أن أتحدث عن العقلية الإسلامية وكيفية جمعها بين الاحتفاظ بالأصول والانفتاح على المعاصرة في كتاب واحد ، لكن وجدت بعد ذلك أن الكتاب سيكون كبيراً نسبياً ، وبما أنني أحاول أن يكون معظم ما أنشره من الكتب المتوسطة الحجم ، فقد عمدت إلى أن أجعل الكلام في هذه القضية في كتابين : كتاب يتناول القضايا الأكثر التصاقاً ببنية العقلية وشكلها وطرق عملها ، وكتاب يتناول المفاهيم والأفكار الأساسية التي يجب أن تشكل مضامين تلك العقلية والمحتوى الذي تشتغل عليه.

والحقيقة أننا مهما بذلنا من جهد للحصول على فصل جيد بين شكل العقلية ومضمونها ، فلن نستطيع الوصول إلى ما نريد ، وذلك بسبب التداخل الشديد بين الشكل والمضمون في هذه القضية. وسبب هذا التداخل يعود إلى أن مكونات شكل العقلية وبنيتها كثيرا ما تكون عبارة عن أفكار ومفاهيم ، فنحن لا نعقل الماهيات ولا نستطيع التعامل مع الأشياء إلا بواسطة المفاهيم. ولكن مع هذا فقد بذلت جهدي للحصول على فصل مقبول بين ما أظنه أداة وبين ما أظنه مضمونا ومفهوماً.

لاريب أن المفردات التي تشكل بنية العقلية والتي تشكل مضمونها أيضاً كثيرة ومتنوعة ، ولا نستطيع الإلمام إلا بجزء يسير منها ، ولذا فإن هذا الكتاب والكتاب الذي يليه لن يتناول كل الأمور المهمة في مسألة بناء العقلية الإسلامية. أضف إلى هذا أن مكونات العقلية ليست على درجة واحدة من الأهمية والجوهرية ، ولذا فإنني حاولت أن أتناول ما أعتقد أنه أكثر حيوية ومركزية في بناء العقلية تحت العديد من العناوين بغية إثرائه وتوضيحه.

إذا تأملنا في أحوال عالمنا المعاصر وجدنا أن الجانب العقلي في حياة الأمم والشعوب ، يكتسب في كل يوم نفوذاً جديداً ، ويحتل أرضاً بكراً ، لم توطأ من قبل ؛ وذلك بسبب التحولات المتسارعة نحو التقليل من الجهد البدني ، وتقليل الاعتماد على الأشياء المادية المستخدمة في التقدم الحضاري. العالم يتجه اليوم إلى المزيد من التوسع في توظيف الأعمال الذهنية والمتراكمات المعرفية في تغيير أنماط الحياة المختلفة.

وليس بسرٍّ أن المال لم يعد يشكل الأساس للثراء الشخصي ، وإنما صار الأساس لذلك ما يملكه المرء من دوافع ومفاهيم وقيم و نظم ، وما شاكلها من معطيات غير مادية. وقد صار واضحاً أن أمة الإسلام لن تتقدم ما لم تغير طريقة رؤيتها للأشياء وطريقة تعاملها مع كثير من مفردات الوجود المختلفة.نحن في زمان يمور ويموج بالمفاهيم والأفكار الجديدة ولا ينبع معظم هذه الأفكار في الأرض الإسلامية ، وإنما يأتيها من البلاد التي تقود شعوبها الحضارة الحديثة.

وتلك الأفكار والمفاهيم والأساليب ، فيها ما هو جيد وضروري بالنسبة إلينا ، وفيها ما هو سيء ومدمر. ولإدراك هذا وذاك على النحو الصحيح فإننا نحتاج إلى التركيز على التربية العقلية ، والاهتمام بإثراء عالمنا الثقافي بالمزيد من المفاهيم والمعاني التي تحسن درجة وعينا بالوافدات الجديدة ، حتى نتمكن من اتخاذ الموقف الصحيح منها.نحن حين ندعو إلى بناء (عقلية جديدة) لا نستهدف أن يفكر المسلم المعاصر بنفس الطريقة التي يفكر بها الآخرون ، وإنما نستهدف أن نؤسس لعقلية ترى العالم المعاصر على حقيقته ، بخيره وشره وحلوه ومره من أفق المنهج الرباني الأقوم الذي نشرف بالعمل به وحمله والدعوة إليه.

وهذه المهمة من المهمات الشاقة ، حيث إن علينا – حتى نفهم عصرنا – أن نستخدم مفاهيم وطرقاً وأدوات من إنتاج عصرنا ، وبما أن فيها الغث والسمين ، فإن علينا أن نقوم بعملية فرز دقيقة و شفافة ؛ وليس هناك أي ضمان لأن ننجح في ذلك دائماً. إننا حتى نستطيع القيام بالفرز اللازم محتاجون إلى أن ننسلخ عن عصرنا ، ونعزل عقولنا عنه من أجل أن نوفر رؤية أصيلة له ، وهذا أمر بالغ الصعوبة ، بل هو إلى المستحيل أقرب.

إن من المهم اليوم أن نمتلك العقلية التي تمكننا من فهم التغيرات الأساسية التي تطرأ على عصرنا ، وتغير بالتالي ملامحه وأوضاعه. تلك التغيرات تتيح لأمة الإسلام الكثير الكثير من الفرص التي تساعدها على التخلص من الكثير من مشكلاتها المتأسنة.

كما أن من المهم أن نفهم أبعاد الغزو الثقافي الذي يتعرض له رجل الشارع عندنا ، حيث إنه يمكنني أن أقول من غير تحفظ : إننا نشهد اليوم زلزالا عنيفاً ليس على مستوى الأشكال والأساليب والفروع ، وإنما على مستوى الجذور والبنى العميقة والاتجاهات والاهتمامات والرؤى الكبرى. ويكفي أن نلمس ما يقوم به معظم الناس اليوم من تكييف سلوكاتهم وعلاقاتهم ، بل مشاعرهم على أساس إعطاء الأولوية للمتعة والاستهلاك والمظهرية والنجاح الدنيوي بعيداً عن الرؤية الإسلامية العتيدة في هذه المسائل.

إنني أقول من غير أن أشعر أنني متشائم : إن جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية تتعرض لتسميم خطير ؛ ونحن نحتاج إلى الكثير من الوعي والعمل من أجل إيقاف ذلك عند حدود معينة. الأمم ترتقي دائماً من خلال النماذج والصيغ الحية التي تقدم لها مخططات النهوض وأطر الحركة ووضعيات العمل ، وأمة الإسلام لها خصوصيتها على مستوى المباديء والقيم وعلى مستوى الأهداف والغايات ، وحتى تستطيع تحقيق أهدافها في هدي مبادئها فإنها تحتاج إلى أن تجدد النماذج التي تفتح من خلالها حقولاً للعمل والممارسة.

ولكل أمة في كل زمان ومكان نماذجها الخاصة ، وتلك النماذج تصاب بالتقادم ، وتفقد صلاحيتها شيئاً فشيئاً بسبب تغير الظروف والمعطيات المحيطة بها ، وما لم يتم تجديد تلك النماذج ، فإن من الممكن أن تتحول من أدوات للنمو والإنجاز إلى أدوات تخلف وانغلاق على الذات.لم نكن في يوم من الأيام أحوج منا اليوم إلى العقلية الناضجة التي تملك رؤية تركيبية معقدة ، تمكنها من استخلاص أفضل ما في النماذج القديمة من أجل سكبه في نماذج جديدة ملائمة لروح العصر ومتطلباته ؛ والعقليات الممتازة وحدها هي التي تستطيع دمج القديم في الجديد بطريقة تجعل الأمة تتجدد دون أن تشعر بالانقطاع بين ماضيها وحاضرها.هذا الكتاب ليس سوى محاولة صغيرة على طريق طويلة وشائكة.

وأنا هنا لا أروم بلورة ملامح العقلية الإسلامية المعاصرة التي نحن في حاجة حقيقية إليها ، ولا أستطيع ذلك ، لكني أحاول أن أزيل بعض الحجارة من طريق أولئك الذين يريدون الوصول إلى تلك العقلية ، كما أحاول تقديم بعض الرؤى والمفاهيم والملاحظات التي يمكن أن يتخذ منها البناؤون العظام لبنات صغيرة في تشييد صرح العقلية الإسلامية في عصرنا الحاضر.

ومن الله – تعالى – الحول والطول , وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

فهرس الأفكار والمقولات العامة

 

– السعي إلى التقليل من استخدام الجهد البدني أدى إلى إعطاء اهتمام واسع بالحصول على أعلى قدر ممكن من التقدم العقلي.

– لم يعد المال يشكل الأساس للثراء الشخصي والأممي ، وإنما ما يتم امتلاكه من نظم و دوافع ومفاهيم وأفكار وقيم.

– من العسير أن نفهم عصرنا على نحو عميق إذا لم نستخدم مفاهيم وأدوات من إنتاج هذا العصر.

– الغزو الثقافي الذي جاءت به العولمة موجه إلى الطبقات الشعبية ولذا فإن أعداد الذين يتعرضون له ضخمة.

– جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية تتعرض اليوم لتسميم خطير.

– النماذج الحضارية كثيراً ما تصاب بالتقادم ، وحينئذ فإنها تتحول من أدوات إنجاز ونمو إلى أدوات تخلف وانغلاق على الذات.

– بين الشكل والمضمون علاقة حية تقوم على الأخذ والعطاء والتأثر
والتأثير.

– تبلغ العوامل التي تشكل العقلية درجة عالية من التشابك والتعقيد مما يجعل إدراك وعينا لها غير كامل.

– لايتم بناء العقلية دفعة واحدة ، وإنما تظل شيئاً قابلاً للتغير والنمو.

– حين تعتمد الأسرة مع أبنائها أسلوب المصارحة والمكاشفة فإن المعتاد أن ينشأ أطفالها ولديهم نسبة عالية من الوضوح في رؤية الأشياء.

– كثيراً ما تتبادل الأفكار والمشاعر التأثير فيما بينها لأن الغشاء الذي يفصل بينها غشاء رقيق جداً.

– الطفل الذي ينشأ في بيئة متقدمة علمياً وتقنياً يكون اعترافه بالواقع وتطلعه إلى المستقبل أفضل من غيره على نحو لا يُقارن.

– إن كفاءة عقولنا في عملها تظل مرتبطة بمدى ملاءمة تجهيزاتنا العقلية والمعرفية للقضايا والموضوعات التي نتصدى لمعالجتها.

-ستظل هناك فجوة بين قدرة عقولنا على الإدراك وبين ما لدينا من طلاقة الإرادة وسعة التطلعات.

– يعجز العقل عن صياغة الغايات الكبرى والأهداف العامة  للوجود ، وهذا ما تكفل به الوحي.

– العقل بنية غير ثابتة وغير مكتملة ، ولذا فإن من غير المنطقي أن نطلب منه ثوابت وأصولاً.

-التقدم المعرفي الهائل وتنظيم المعرفة على نحو لم يسبق له مثيل همش دور العقل المجرد في دفع عجلة التقدم الحضاري.                                                                                                                    -الدور الحقيقي للعقل هو إنتاج الأفكار والمفاهيم التي تساعد على اكتشاف الواقع وتطويره وتلك التي تنظر للثوابت وتفلسفها.                                                                                                                      – إذا لم يجد العقل محورا يتحرك حوله فإنه ينتج أفكاراً متباعدة ومشتتة.

– على الرغم من اعتقادنا بقصور العقل ، فإننا لا نملك سوى الاعتقاد بصوابية المناهج التي لدينا ما لم تثبت الممارسة العملية خطأها ، فنعمد إلى تغييرها وتعديلها.

-المذاهب والفلسفات التي تستمد مشروعتها وجاذبيتها من الاستخفاف بالمقدسات لا تستطيع إلا أن تنتهي إلى المصير نفسه الذي أنهت إليه ما كان سائداً قبلها.

– في العصر الحديث أخذ الدور الإرشادي للعقل يتضاءل شيئاً فشيئاً حتى صارهناك خوف من أن تنحصر مهماته في الاكتشاف والاختراع.

ـ العقلانية مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تتدني إلى مستوى تقنيات الجدوي بعيداً عن حجز الإنسان عن الطيش والإفساد.                                                                                                                      – التقليد سلاح ذو حدين ، فهو يوفر من جهة أسلوباً سهلاً للتثقف ، لكنه من وجه آخر يحدد للعقل مجالات عمل ضيقة ويحد من طلاقته.

– كانت تعاليم السماء على مدار التاريخ تجعل من نفسها مصافي ثقافية تنقي العقول والنفوس مما علق بها من موروثات عن الأجيال السابقة.

– من المؤسف أن التقليد سيظل هو الأصل ، وسيظل التأثر بالمنهج والخضوع لمقتضيات العقل والحكمة هو الفرع.

– نظراً لرسوخ التقليد في حياة البشر فإن كثيراً من الناس سوف ينتقلون من تقليد الآباء إلى تقليد الأجنبي .

– لا تمنحنا أحداث الحياة المحكات والدلالات النهائية على الرغم من الخبرات الجيدة التي تزودنا بها.

– يتعلم العاملون في الحقل التجاري الواقعية وأدبيات التفاوض والتكيف والتوازن والتنازل.

– على مدار التاريخ كان التقدم العلمي يتكيء على نحو جوهري على اكتشاف العلاقات بين الأشياء.

– الضغط يولد الانفجار لكن في المجال الاجتماعي قد يولد الانفجار وكثيراً ما يولد النفاق.

– الأمم الأكثر تقدماً هي الأمم الأكثر إنفاقاً على الملاحظة والتجربة.

– الملاحظة تشكل العقلية وتنميها ، لكن ليس هناك أي ضمان من أن تؤدي في بعض الأحيان إلى تشويهها.

– بمجرد أن يُعرض أحدنا عن أوعية الثقافة المكتوبة يعرض نفسه للوقوع في فخاخ الثقافة الشعبية الشفوية المملوءة بالأوهام والخرافات.

– الثقافة الشفوية ثقافة موقفية تتجاوب مع انفعالات الناس وتؤثر المداراة على الالتزام بالموضوعية.

– كلما بذلنا في فك رموز الكتاب واختراق حجبه وقتاً أطول وجهداً أكبر حصلنا على فائدة أكبر.

– إذا أصر كل واحد من المتحاورين على موقفه فإنهما يكسبان بلورة أسس واضحة في الخلاف ، مما يؤدي في النهاية إلى نوع من التعاذر والتسامح.

– قد نصل من خلال التأمل إلى تحسين فهمنا للطرق المسدودة والضيقة مما يوفر علينا الكثير من الجهود والأوقات.

– تصعب رؤية وجوه الخلل في حياتنا مالم نعرف على وجه جيد الصورة الصحيحة والجيدة التي يجب أن نكون عليها.

– الحقيقة طبقات عديدة ، وكلما وصلت إلى طبقة أعمق وجدت أن معلوماتك تتضاءل وأن عتادك المنهجي صار أقل كفاءة.

– الفروع والجزئيات المعرفية مناط للاجتهاد والاختلاف ؛ والتلاعب بها سهل ، وهي وسط ملائم للأوهام والظنون.

– كلما اتسعت المسافة المعرفية بين مقدم المعرفة ومتلقيها كان هناك إمكانية أكبر لوقوع المتلقي في سوء الفهم وخطأ التفسير.

– حين تقدم المعرفة للجماهير بطريقة احتكاكية مباشرة فإن كلام كثير من المتحدثين يميل إلى القطع والجزم وثورية الطرح.

– حين يكون مقدم المعرفة مناضلاً في سبيل ترسيخ مذهب أو اتجاه معين فإن هناك احتمالاً كبيراً لوقوعه في التزيد والمبالغة.                                                                                                                     – لا يتساءل المرء عادة إلا إذا أبصر المساحة الفاصلة بين ما هو كائن وبين ما ينبغي أن يكون والمساحة الفاصلة بين الطبيعي وغير الطبيعي.

– يكف العقل عن طرح الأسئلة الجيدة في حالة جموده وعطالته.

– يقوم السؤال الجيد بهدم الاتساق المصطنع في السياقات الفكرية والمعرفية من أجل الوصول إلى اتساق جديد أفضل اكتمالاً.

– يبرهن الذين يطرحون الأسئلة الجادة على أنهم تخلصوا من وطأة الموروث الشعبي الذي يعد التساؤل أمارة على الجهل.

– كل شيء من مخلوقات الله – تعالى – يدخل في علاقة تقابلية تناقضية مع شيء آخر ومن خلال تلك العلاقة يبدو ذلك الشيء وكأنه كل شيء ولا شيء.

– الصعوبات والظروف غير المواتية تشد من أزر المرء ، وتستنفر أفضل ما لديه من كوامن إذا قابلها بروح و ثابة.

– ماكان للوسطية أن توجد لولا وجود الأشياء المتقابلة.

– الاستمرار يقوم على التوازن والتوازن يقوم على الوسطية.

– حين يلتقي قوي بضعيف فإن القوي يكون في العادة أقدر على الاستفادة من ذلك اللقاء.

– قانون الضدية يحول بين الإنسان وبين أن يعيش حياته بالطول والعرض ؛ فإما هذا وإما ذاك.

– ليس الخيال الخصب المنتج هو الذي يجنح بنا في قضاءات المستحيل ولكنه ذلك الخيال الذي يحررنا من سجن الخبرة ويقذف بنا في مناطق المظنون والمحتمل.

– تعكس الرؤى المركبة تلاقي العقلية المتألقة بالمؤشرات الثقافية والاجتماعية … على نحو منجب ومبدع.

– من مظاهر الابتلاء في هذه الدنيا أننا لا نتطور ولا نبدع إلا من خلال العمل والحركة والنشاط الدائب.

– الأشخاص الأكثر نشاطًاً وحيوية هم الأشخاص الأكثر امتلاكاً للأفكار والمفاهيم الجديدة.

– الممارسة هي النقطة التي يلتقي عندها العقل بأخيلته وأوهامه ومثلياته بالطبيعة بقوانينها الحاسمة وصدودها وتمنعاتها.

– عقول الكسالي مسكونة بجموحات الأخيلة والتصورات الفاسدة التي يعرفون كيف يختبرونها أو يتخلصون منها.

– من خلال العمل نكتشف مالا يمكن الحصول عليه ، وبذلك نقترب من معرفة الممكن والمتاح.

– التقدم التقني الذي تشهده البشرية اليوم مدين لتشوق الإنسان إلى اجتراح الغموض وفك طلاسم الوجود.

– التفكير خارج سياقات العمل والتجربة لايأتي إلا بفروض شكلية وحقائق هشة.

– من خلال الممارسة والخبرة المتولدة عنها يبني الإنسان إطاراً لتوقع ما يمكن أن يحدث في المستقبل.

– السكون مظهر من مظاهر الموت ونحن نميل إليه لأنه يوفر علينا مؤنة التكيف مع الأشياء الجديدة.

– إن كل أفكارنا معرضة للموت خنقاً إذا نحن قمنا بعزلها عن معطيات الواقع.

– الطروحات العجيبة والفرضيات المضحكة هي في الغالب من نصيب أولئك الذين لم يعطوا الحياة ، ولم يأخذوا منها إلا في أضيق نطاق.

– يحتاج توازن شخصية الأمة إلى أن تكافح عقولنا الانقطاع بين الماضي والمسقبل.

– من شروط التقدم وجود ثقافة مستقبلية تتحدث عن التطورات المنتظرة للقوى والمعطيات والمشكلات الحاضرة.

– خيرلنا من الاشتغال بالماضي تعميق الرؤية للمنهج الرباني وفقه مدلولاته ومراميه.

– لا أمل في رؤية جيدة للمستقبل من غير معرفة جيدة بالحاضر ؛ لأن المستقبل هو في العادة تطوير لما هو كائن الآن.

– أصحاب التفكير الخوارقي يتخذون من الاستثناء قاعدة يحلمون بناء على دلالتها ، ولذا فإن أحلامهم هي دائماً أكبر من إنجازاتهم.                                                                                                                     – الاقتراب من فهم الواقع عن طريق الأعمال الجيدة والإنجازات العظيمة قد يكون أجدى من فهمه عن طريق التصورات المجردة.

– التعامل مع المستقبل بعفوية وتلقائية هو سبب إخفاق أعداد كبيرة من الناس.

– حين يعجز الإنسان عن تخطيط حياته الشخصية فإنه لا يكون في وضع محايد ، وإنما في وضع من يخطط للفشل.

– بمجرد أن يضع المرء خطة للمستقبل فإنه يبدأ بتنمية حساسية خاصة نحو الخطأ والإهمال ، وهما العدوان اللدودان للتفوق والنجاح.

– لا آمال عظيمة ولا أهدافاً كبرى من غير خطط عظيمة.

– كان الناس يعدون النجاح في الفصل بين الأشياء أحد أهم الإنجازات الفكرية على صعيد فهم مفردات الوجود.

– لم يهتم علماؤنا في الماضي بشبكة العلاقات التي تربط بين العلوم المختلفة ولا بالآثار التي تنعكس على أي منها نتيجة ذلك الارتباط.                                                                                                                 – إذا أخذنا العلاقة بين العلوم والنظم المختلفة بعين الاعتبار فإنها جميعاً تقبل نوعاً من المراجعة والتحسين. – لاجدوى من إعادة كتابة التاريخ إذا لم نستثمر في إنضاجها التقدم الذي حدث مؤخراً في العلوم الإنسانية المختلفة.

– تطري الشعوب ذات الثقافة الشفاهية العقل إطراءً شديداً ، مما يترتب عليه الزهد بتثقيفه وتغذيته بالمعارف.

– لايتمتع العقل بأي حصانة تجاه الأفكار المتسقة شكلياً ومنطقياً والزائفة والفارغة موضوعياً.

– اعتقادنا أن العقل يتعامل مع الأمور المعنوية والمجردة كما يتعامل مع الأمور المحسوسة ، كثيراً ما يجعلنا نطلب الإجماع في الرأي في أمور تأبى طبيعتها
ذلك.                                                                                                                           – من المؤسف أن المفاهيم والمصطلحات التي نتعامل بوساطتها مع الأمور غير المحسوسة تـتسم دائماً بالهشاشة والنسبية والانتقاء والغموض.

– حين تدرك عقولنا الحقائق فإنها لا تدركها على أنها حقائق معزولة ومطلقة ، وإنما تدركها بالقياس إلى ما هو مخزون في خبرتنا من الصور والتجسيدات
المشابهة.                                                                                                                      – حين يتوفر اعتقاد راسخ فإن الدماغ يولد من الحجج والأدبيات والرموز ما يجعل ذلك الاعتقاد يبدو منطقياً ومقبولاً.

– مهما جاهدنا أنفسنا في أن نكون موضوعيين فإن علينا أن نكون حذرين من أن نتخذ موقفاً نفسياً معيناً يلقي على أعيننا غشاوة ، فنرى الأمور على غير ما
هي عليه.                                                                                                                     – كثيراً ما تكون تعبيراتنا عاجزة عن الوفاء بمتطلبات الفهم لدى الآخر.

– عقولنا حين تعمل بكفاءة تنتج التنوع ، على حين تدفع الفريزة نحو التوحد والتماثل.

– ليس هناك ضرر في أن نفكر ثم ننتهي إلى نتائج موحدة ، ولكن الضرر يقع حين نفكر بطريقة واحدة.     – في حالة التخلف الحضاري لا يرى الناس في الماضي سوى حقبة من الانتصارات والأحداث السارة ؛ مع أن الأمر ليس كذلك.

– دلتنا التجربة التاريخية على أن الأفكار حين يتم تبنيها من إحدى الجهات وتتحول إلى مناهج تدرس فإنها تصاب بالتخشب ثم الذبول والاختناق.

– أراد القرآن الكريم أن يكون السند الجديد لمعارف البشر مستنبطاً مما يرونه ويسمعونه من بديع صنع الله وسننه في الخلق.

– نظراً للكلفة العالية للملاحظة فإن عقولنا لو تركت وشأنها لسارعت إلى معالجة الأمور دون الرجوع إلى الواقع.

– لا يكشف الواقع عن هويته وأبعاده إلا من خلال استقصاء منهجي تستخدم فيه كل الحواس وكل الأجهزة التي تساعد في ذلك.

– كلما ارتفعت درجة جهالة العقل وجد نفسه قادراً على طرق قدر كبير من الفرضيات التي كثيراً ما تكون منافية للواقع.

– حين يغرق المرء في تلبية حاجات الجسد فإن من الممكن أن تختلط لديه الأهواء بأحكام العقل.

– كلما ترسخت المفاهيم والسمات والعادات العقلانية لدى شخص من الأشخاص ، وجد نفسه أمام خيارات أكثر.

– كثير من تقدم البشرية مدين لقدرة بعض الباحثين على سلوك الطرق المهجورة ، والبحث في القضايا التي نفض غيرهم أيديهم منها.

– العقلانية صفة يمكن الحصول عليها من وراء القراءة والبحث والتأمل والنقد والحوار ومجاهدة الأهواء.

– كل ما هو ناجز من خير أو شر يشكل وضعية غير نهائية ، وهناك احتمال قوي بوجود وضعية كامنة ومنتظرة هي أفضل مما هو ماثل.

– نصف نجاعة ما نستخدمه من نظم ووسائل مستمد من تكوينه الذاتي ، والنصف الثاني مستمد من مدى ملاءمته للبيئة التي سيستخدم فيها.

– قاعدة: (لاينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان) قاعدة عظيمة لكن تطبيقاتها محدودة بسبب ارتباك وعينا في التعامل مع نقاط المفاصلة بين النصوص ومقاصد
التشريع.                                                                                                                      – تؤثر العواطف النشطة على عمل العقل ، فتصبح أعماله بعيدة عن
الموضوعية.                                                                                                                  ـ مما يساعد على التوازن بين العقل والعاطفة أن نقوم بالاحتفاظ بنهايات مفتوحة لرؤيتنا للقضايا المختلفة .

– العواطف بالنسبة إلى حياتنا أشبه بالحبل السري بالنسبة إلى الجنين.

– العواطف عمياء لا تملك أي قدرة على الاختيار أو التمييز ، وعلى العقل أن يقوم بتوجيهها الوجهة الصحيحة.

– الشعور بالدهشة يدل على أن عقولنا ما زالت تحتفظ بطاقة جيدة على التأبي على الاندماج في الثقافة السائدة.

– نحن ندرك الأمور على نحو جزئي لأن عقولنا محدودة ، ولا يمكن لمخلوق محدود أن يحيط بالأشياء إحاطة غير محدودة.

– قراءة سير العظماء تجعل المرء يعيش العديد من التجارب الطويلة والثرية في عمر واحد.

– اختراقنا لكنه الأشياء على نحو كامل غير ممكن لأن كل مخلوق من مخلوقات الله – تعالى – ينطوي على عنصر غيبي.

– يأتي كثير من عطالة العقل نتيجة إعراضنا عن زج أنفسنا في غمار المشكلات والأزمات.

– إن الأفكار بطبيعتها تقبل التحوير والتوظيف المتعدد والنقل من مجال إلى مجال آخر ، وهذا من أهم مصادر نموها.

– اكتشاف الذات أهم من اكتشاف القمر والمريخ.

– هناك خطر داهم يتمثل في مداهنة عقولنا لعواطفنا.

-للتطبيق أثر في تنمية الأفكار لا يقل شأناً عن أثر التأمل.

– الركود الاقتصادي يؤذي جميع التجار ، لكنه لا يخرج من السوق إلا الحالات المريضة.

– القيم التي نحملها تساعد العقل على العمل لأنه يدرك من خلالها الأشياء ، لكنها ت