المراهق (كيف نفهمه وكيف نوجهه)

الحمد لله رب العالمين ، حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فهذا هو الجزء الرابع من سلسلة (التربية الرشيدة )
وقد كان الجزء الأول بعنوان ( مسار الأسرة ) وقد تحدثت فيه عن أهم المبادئ والمفاهيم التي ترسم مسار الأسرة المسلمة ، وتوضح لها خريطة الطريق التي عليها أن تسلكه . أما الجزء الثاني فقد كان عنوانه : ( القواعد العشر) وقد شرحت فيه أهم عشر قواعد في تربية الأبناء مثل التوازن والوضوح والعقاب …. أما الجزء الثالث فعنوانه ( التواصل الأسري) وهو مخصص للحديث عن أشكال الحوار بين أفراد الأسرة وعن أساليب التواصل بينهم . وقد تُلقيت  هذه الأجزاء من السلسلة بحماسة ظاهرة من لدن القراء الكرام حيث تم طبع ما يزيد على خمسة عشر ألف نسخة من كل جزء من أجزائها خلال سبعة أشهر، ولله الحمد والمنة أولاً وآخراً .
هذا الجزء مخصص للحديث عن المراهقة والمراهقين والمراهقات ، ومع أن كثيراً من سلوكنا التربوي الذي سلكناه مع ابن الخامسة ينبغي أن نسلكه مع ابن الخامسة عشرة إلا أن مرحلة المراهقة بما لها من خصوصية ، وبما يثور فيها من عواصف عاتية تستحق فعلاً معالجة خاصة . إن المراهقة تعني المقاربة ، والمراهق هو الطفل الذي قارب البلوغ ، وعلماء النفس والتربية يقسمون فترة المراهقة إلى ثلاث مراحل : مبكرة ومتوسطة ومتأخرة ، والمراهقة المبكرة تبدأ في الثانية أو الثالثة عشرة ، أما المتوسطة فإنها تبدأ في الخامسة أو السادسة عشرة ، وتأتي بعدها مرحلة المراهقة المتأخرة ، وهذه تمتد إلى سن الحادية أو الثانية  والعشرين ، وبعدها تكون مرحلة الشباب ، وهذا يعني باختصار أن مراحل المراهقة تقابل مراحل الدراسة في المدارس المتوسطة والثانوية والجامعات.ولا بد من القول : إن هذا التحديد لمدة المراهقة تقريبي ، لأنه مبني على أسس غير موحدة وغير ملموسة بالقدر الكافي ، لكنه مع افتقاره  إلى الدقة صحيح على نحو عام ، وإني لأعجب من بعض الباحثين الذين يحاولون إثبات تجاهل التعاليم الإسلامية للمراهقة ، ووصم الدراسات التي تتعلق بالمراهقة والمراهقين بنوع من السفه أو مجافاة الحقيقة ، ويستدلون على توجههم هذا بأن الطفل إذا بلغ صار مكلفاً بالأحكام الشرعية، وهذا يدل على وعيه وفهمه وشعوره بالمسؤولية ، ولا شك أن هذا الاستدلال في غير محله فالمراهق إنسان عاقل ومدرك للفضائل ، وفي ذهنه فصل لا بأس به بين الحق والباطل والخير والشر ، لكن سيطرته على نفسه ونوازعه وانسجامه مع مجتمعه ، وإدراكه لمصالحه …. كل ذلك ناقص،وحين يبلغ سن الثامنة عشرة يكون   قد قطع معظم مرحلة المراهقة ، ويكون قد دخل في عداد الراشدين ، مما يجعل سلوكه يقترب رويداً رويداً من سلوك الكبار.
إن الواقع المعيش يدل بقوة على أن مرحلة المراهقة هي مرحلة متوسطة بين الطفولة والنضج ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عدَّد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال : (( وشاب نشأ في عبادة الله )) والسبعة الذين ذكرهم قاموا بأعمال عظيمة ومتميزة ، وهكذا الشاب المستقيم الطائع يقوم بعمل عظيم لأنه ينتصر على كثير من الشهوات والنوازع السيئة ، وقد ورد في بعض الأحاديث ما هو أكثر تحديداً من هذا حيث روي عنه ـ صلى الله عليه وسلم  ـ أنه قال : (( عجب ربك لشاب ليس له صبوة)) وأنه قال : (( الشباب شعبة من الجنون ))
وأود أن أشير هنا إلى الآتي :
1ـ لو تأملنا في المشكلات التي نواجهها مع المراهقين والمراهقات من أولادنا ، لوجدنا أنها في الغالب ليست كبيرة بقدر ما هي مستفزة ومزعجة ، فالطفل الوديع الذي كان يُلقي بنفسه في حضن والدته يحبو الآن نحو الرشد والاستقلال ، وهو سيرفض الكثير من الأمور الجيدة والمنطقية حتى يؤكد لنفسه ولغيره بأنه قد كبر ، وصارت له رؤيته الشخصية.
2ـ نحن نرى مشكلات المراهقين كبيرة لأننا قريبون جداً منهم ، والعجيب أن كثيراً من الناس يعتقدون أن أبناء الآخرين أفضل من أبنائهم ، وما ذلك إلا لأنهم يرون أولادهم من قرب ، ويرون أبناء غيرهم من بعد ، ولو اقتربوا منهم أكثر ، فسيتغير الحكم لديهم .
3 ـ كثير من غضب الآباء من أبنائهم يعود إلى حرصهم الشديد عليهم ، إنهم يريدون لهم أن يكونوا أفضل الناس وأنجح الناس، كما أن الآباء يريدون حماية أبنائهم من الأخطاء التي وقعوا فيها حين كانوا في مثل أعمارهم ، وأنا أقول لهم لن تستطيعوا ذلك ، كل شيء سيبلغ مداه ، وسيقع الصغار في معظم الأخطاء التي وقع فيها الكبار ، وسيظل المراهق يتعلم من أخطائه أكثر مما يتعلمه من توجيهات أهله ونصائحهم ، هذا ما سيخبرنا به التاريخ ، وليس في هذا دعوة إلى عدم الاكتراث ، وإنما المقصود تخفيض درجة الشعور بالمرارة لدى الآباء ، والتعامل مع الأمور بسعة صدر وحكمة ، نعم يستطيع الواحد منا أن يتواصل مع أبنائه أكثر ، ويستمع إليهم باهتمام أكبر ، ويهيئ لهم بيئة أفضل .
4ـ شيء جيد أن ندرك أننا لسنا آباء مثالين، فنحن لسنا قدوة كاملة لأبنائنا في كل شيء، ونحن نغضب أحياناً من غير سبب واضح ، ونشك أحياناً من غير داع، ونسيء الفهم والتفسير لكثير من تصرفات الأبناء … ولهذا فإن التوتر الموجود في كثير من البيوت ليس بسبب سوء تصرف الأبناء فحسب، فالكبار يتحملون مسؤولية جزء منه .
5 ـ إذا أراد الواحد منا أن يتقبل الكثير من تصرفات الأبناء ، أو يتعايش معها فإن عليه أن يتذكر أمرين :
الأول : أن يتذكر مرحلة المراهقة التي مر بها، وأن يتذكر الأخطاء التي بدرت منه فيها ، فهذا يساعده على أن يتفهم أسباب ما يحدث ، وأن يُبدي حياله نوعاً من التسامح :
الثاني : هو أن ما يفعله المراهقون مؤقت ، وسوف يتحسن كل شيء مع مرور الزمن ، وإذا تذكر الواحد منا تاريخه الشخصي ، فسوف يلاحظ أنه لما كان في السابعة عشرة كان ينتقد نفسه على كثير من تصرفاته السابقة ، ويلوم نفسه عليها ، ويستحي منها ، وما ذاك إلا لأنه كان يمضي في طريق النضج .
6ـ تصور وسائل الإعلام المراهقين على أنهم أشخاص متمردون على المجتمع وغريبو الأطوار ، وكأنهم من عالم آخر ، وهذا يجعل الفجوة كبيرة بين المراهق وغيره ، ويدفع به إلى الشعور بأنه في معركة ضد أهله ومجتمعه ، وأن عليه أن يربح تلك المعركة … المراهق جزء من مجتمعه ، ولديه الكثير من الخير والبراءة والطيب ، لكنه يمر بمرحلة خاصة تجعل التفاهم بينه وبين الكبار صعباً.
إنني حريص جداً على أن أوصل إلى قرائي الأعزاء أكبر قدر من الأفكار والمفاهيم والمبادئ الراقية والمهمة بأبسط أسلوب وأوضح تناول ممكن ، وإني لأسأل الله الرحيم الكريم أن يعينني على ذلك ، وأن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتي  يوم لا ينفع مال ولا بنون .
أ د عبد الكريم بكار
في 17 / 9 / 1430 فهرس الموضوعات
المقدمة
المراهقة : فهم أفضل
1 ـ المراهقون : فروق فردية .
2 ـ لماذا كانت مرحلة المراهقة صعبة ؟
3 ـ ارتباك المراهق .
4 ـ مثالية المراهق
5 ـ المراهق هو المراهق .
6 ـ الرغبة في الاستقلال :
7 ـ البحث عن مجموعة ينتمي إليها :
أ ـ المراهق هو الذي يفهم المراهق .
ب ـ اصطناع مناسبات للقاء
جـ ـ المراهق في نصرة المراهق
د ـ مكالمات طويلة عند عسر اللقاء .
م ـ الإعجاب بين المراهقين
8 ـ صراعات داخل المرهق :
أ ـ مشاعر النقص والكمال
ب ـ الصراع بين دواعي الاستقامة ودواعي الانحراف
ج ـ ما بين التحرر والانضباط .
د ـ ما بين الهواية والظروف الموضوعية .
9 ـ بعض شكاوى المراهقين .
علاقة الأبوين بالمراهق :
1 ـ علاقة صعبة .
2 ـ توفير وقت للمشاركة
3 ـ الاحترام المتبادل .
4 ـ التخلي عن السيطرة على المراهق :
أ ـ الأب المسيطر
ب ـ الأب المستوعب لوضع ابنه .
5 ـ لا للضغوط
6 ـ الحيلولة دون غضب المراهق .
أ ـ السماح بالتعبير عما يجول في الصدر
ب ـ المراهقون مقلدون لما في أسرهم .
ج ـ أهمية غض الطرف عن بعض الهفوات .
7 ـ مسايرة الآباء للأبناء .
8ـ علاقةٌ أساسها الثقة المتبادلة .
أ ـ الأبوان الموثوقان .
ب ـ الثقة تتكون بالتدرج .
ج ـ الشعور بالمسؤولية أساس الثقة .
9 ـ إكرام أصدقاء المراهق
10 ـ كل علاقات المسلمين مع بعضهم بعضاً فرع عن علاقتهم بخالقهم :
توجيه المراهق :
1ـ ما هو أهم من الكلام
2ـ الإنصات أساس التواصل :
أـ قلة الكلام من طباع المراهق .
ب ـ موقف محبط
ج ـ خشونة غير مقصودة
د ـ التشاور بين الأبوين .
هـ ـ استيعاب وجهة نظر المراهق .
3 ـ التشجيع غذاء الروح :
أ ـ الثناء على الإنجاز ، وليس على الصفات .
ب ـ كل إنجاز يستحق التشجيع .
جـ ـ التشجيع علاج للاستخفاف بالذات
د ـ التشجيع عن طريق التواصل الجسدي .
4 ـ تثقيف المراهق بالأحكام الشرعية .
5 ـ مساعدته على اكتشاف ذاته :
أ ـ الاكتشاف عن طريق الممارسة
ب ـ دور تاريخي للمربين في الاكتشاف .
ج ـ كيف نفاتحه في نقاط الضعف ؟
6ـ التفوق ليس خياراً:
أ ـ علِّمه في مدرسة جيدة
ب ـ أبعده عن صحبة الكسالى .
ج ـ التفوق مرتبط بالتركيز .
د ـ التخطيط لدراسة الأبناء .
كيف نساعد المراهق ؟
1ـ الأمن الشخصي للمراهق :
أ ـ تحذيرات وتعليمات للمراهقين
ب ـ حمايتهم من الأشخاص العدوانيين.
ج ـ أساليب فعَّالة يمكن اتباعها في ذلك .
د ـ حماية المراهق من مخاطر ( الإنترنت):
1ـ أساس استجابة المراهق لتوجيهات والديه .
2 ـ معظم المراهقين متورطون في أحاديث محظورة .
3 ـ مفردات عقد بين المراهق وأهله لاستخدام الإنترنت .
4 ـ شجعه على استخدام اسم محايد .
5 ـ الأفضل وضع أجهزة الإنترنت في مكان مفتوح .
6 ـ أداء الفرائض وكتابة الواجبات تمثل أولوية .
4ـ حماية المراهق من قرناء السوء
التأثير السلبي لرفاق السوء :
أ ـ يصوغون إدراك المراهق للأشياء
ب ـ معظم أخطاء المراهق تتم بالاشتراك مع آخرين .
ج ـ رفاق السوء والإخفاق الدراسي
د ـ رفاق السوء وإدمان المكيفات
كيف تحمي الأسر أبناءها من رفاق السوء؟
1ـ عدم الجنوح إلى سوء الظن في الحكم على أصدقاء المراهق
2 ـ مساعدة المراهق على العثور على أصدقاء جيدين .
3ـ وجود المرشد يقلل من الحاجة إلى الرفاق .
4 ـ تشجيع المراهق على توسع دائرة صداقاته
5 ـ استهلاك طاقة المراهق وشغل أوقاته .
6 ـ اسأل ابنك عن رد فعله حول تصرفات أصدقائه
5 ـ حماية المراهق من التحلل الخلقي :
التعامل مع مشكلات المراهقين
1 ـ تطرف المراهق ومشاكساته :
أسباب ذلك :
1 ـ شحنات عاطفية قوية
2 ـ مثالية زائدة
3 ـ تبسيط الأمور أكثر مما ينبغي .
4 ـ البرهنة على الاستقلال
كيف نتعامل مع تطرف المراهق ؟
أ ـ التربية الهادئة وإدارة الخلاف
ب ـ اليقظة تجاه تلقيه التطرف من خارج الأسرة
ح ـ تعويده على استشارة الكبار
د ـ إيقاف الاستطراد في النقاش
2ـ التأخر الدراسي :
ــ من أسباب التأخر الدراسي :
أ  ـ ضعف الثقة بالنفس
ب ـ التهيب من حمل المسؤولية
ج ـ الخجل من المشاركة داخل الفصل
د ـ نفور المراهق من بعض المواد المقررة عليه .
ن ـ الثراء الفاحش
و ـ افتقاره إلى دعم الأسرة
ز ـ مصاحبة المراهقين الكسالى
كيف تتم معالجة التأخر الدراسي ؟
1 ـ لا للطموحات العالية .
2 ـ ازرع في ذهن المراهق أهمية إتمام الدراسة
3ـ تفوق الأبناء ضمن أولى الأولويات
4ـ معالجة الشكاوي الصحية
5ـ الإشادة بالتفوق
6 ـ توفر بيئة جيد للدراسة
7 ـ الحذر من تكليف الأبناء بما يعوق دراستهم
8 ـ مساعدة الأبناء على التركيز في التعلم
9 ـ المثابرة في الدعاء لهم بالنجاح
10 ـ الانضمام إلى مجموعة دراسية مصغرة
11 ـ النوم المبكر
3 ـ خشونة المراهقين ومنازعاتهم :
ـ أسباب ذلك :
1 ـ التنازع على أمور مشتركة
2 ـ المنزل مكان تدريب على الاجتماعيات
3 ـ التعب والإرهاق
4 ـ العدوانية رد فعل على الإحباط
5 ـ غياب الوالد عن المنزل مدداً طويلة
ـ التعامل مع خشونة المراهقين :
1 ـ جو أسري لطيف
2 ـ ملء فراغ الأبناء بشيء نافع
3 ـ توضيح الحقوق والحصص والمسؤوليات
4 ـ ترك مساحة لهم لحل مشكلاتهم بأنفسهم
5 ـ تعويدهم استخدام الألفاظ المهذبة
6 ـ التخلص من المقارنات السلبية
7 ـ توضيح الألفاظ غير اللائقة بدقة .
8 ـ استخدام العقوبة الرادعة عند الحاجة
4 ـ ضعف الإحساس بالمسؤولية
ــ مظاهر ضعف الشعور بالمسؤولية لدى المراهق
ــ كيف نبني الشعور بالمسؤولية لدى المراهقين ؟
1 ـ معنى الشعور بالمسؤولية
2 ـ يتكون الشعور بالمسؤولية بالتدرج
3ـ نمو الشعور بالمسؤولية يحتاج إلى الحرية
4 ـ التسامح مع خطأ المراهق فيما يكلف به
5 ـ دعه يتحمل مسؤولية تكرار أخطائه
6 ـ حمِّله مسؤولية أداء واجباته
7 ـ ساعده على التخطيط لوقته
5 ـ غفلة المراهقات :
ــ لماذا يسهل اصطياد الفتيات من قبل الفتيان ؟
1 ـ التفتح المبكر لوعي الفتاة تجاه الجنس الأخر
2 ـ ما لدى الفتاة من براءة وإخلاص
3 ـ قلة الخبرة بما يجري في الحياة العامة
4 ـ تشوق الفتاة إلى من يستمع إليها
5 ـ فراغ روحي وفكري كبير
ـــ من أساليب الشباب في اصطياد الفتيات :
أ ـ الظهور بمظهرأهل الصلاح والورع
ب ـ الظهور بمظهر الشخص الأنيق الودود
ج ـ استخدام أسلوب الابتزاز والتهديد .
ـــ تنبيه الفتاة من غفلتها :
1 ـ الوقاية خير من العلاج
2 ـ حساسية وضع الفتاة
3 ـ الإشباع العاطفي
4 ـ المراقبة عن بعد
6 ـ أمور ينبغي تحذير الفتيات منها
ـ الخاتمة
ـ فهرس الموضوعات