وأنا أيضاً مسلم

كان أحد الشباب المسلم يستعد لدخول صالة الركاب في أحد مطارات أوربا ،و إذا بشاب يتقدم إليه ،ويطلب منه أن يحمل معه بعض قطع الحلي من ( الألماس ) إلى حين بلوغ محطة الوصول التي يقصدانها ، فقال الشاب : لماذا تريد مني أن أحملها لك ؟ قال : حتى لا أدفع عليها (جمارك ) هنا قال الشاب : إن ديني يمنعني من مخالفة النظم والقوانين ، لهذا أرجو منك المعذرة ، قال الشاب  دينك؟ قال : أنا مسلم. قال الشاب: وأنا أيضاً مسلم !.

هذا هو واقع الحال ، والحساسية نحو المحرمات والممنوعات تشكل فارقاً كبيراً بين مسلم ومسلم . ويمكنني القول : إن إحدى العلل الكبرى في ديار العرب والمسلمين تكمن في أن الناس يريدون العيش وفق رغباتهم ومصالحهم بعيداً عن الالتزام بأي قانون أو نظام ، وهذا سهّل عليهم دفع الرشوة وقبولها وسهّل عليهم الغش والاحتيال والكذب والخداع ، لدينا شباب مثقفون ، وبعضهم نشأوا في أسر فاضلة انخرطوا في وظائف وأعمال تعتمد في نجاحها على دفع الرشوة على نحو يومي ، وحتى يزداد الأور وضوحاً أذكر لكم نموذجاً واحداً ، يتمثل في الهدايا التي تقدمها شركات الأدوية للأطباء ، هذه الهدايا تصل أثمانها إلى الألوف ، وهي أنواع منوعة ، بعضها للاستعمال الشخصي من قبل الطبيب ، وبعضها لبيته وبعضها لزوجته … الهدف من الهدية محدد جداً ، وهو أن يصف الطبيب للمريض الدواء الذي تنتجه الشركة التي قدمت الهدية ، وهو يستجيب لذلك ، وينخرط الطبيب المحترم في صفقة يبيع فيها المريضَ المسكين لشركة الأدوية حيث يجعله يدفع ثمن دواء لا يحتاج إليه ، أو ثمن دواء أقل جودة من نظرائه أو أغلى ثمناً !.

قد عانى الإسلام مع العرب كثيراً من أجل نقلهم من مرحلة القبيلة إلى مرحلة الدولة ، ولم يصب إلا القليل من النجاح ، ونحن اليوم نعاني من سيطرة الرغبة في تكديس الثروات مع القليل من الاهتمام بمشروعية ما نفعل !.

إن المرء حين يغذِّي أولاده بالحرام يعرِّض نفسه لمقت الله ـ تعالى ـ ويحرم نفسه من استجابة الدعاء ، كما أن الله لا يقبل صدقات من مال محرَّم ، فهو سبحانه طيب ، ولا يقبل إلا طيباً .

 

وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محبكم د.عبد الكريم بكار

في 15/ 6/ 1431هـ