القسوة الموروثة

اتصلت بي إحدى الأخوات ، وأخذت تشكومن قسوة زوجها معها ، فهو يضربها ضرباً مبرحاً لأتفه الأسباب ، تقول: ومع أنني في الشهر التاسع ، فإنه ما زال يضربني ويهينني ، وقال لي من أيام : إذا ولدت بنتاً فسوف أكرمها وأدللها ، أما إذا وضعت ذكراً فسوف أضربه كما أضربك ولن أرحمه أبداً !! وحين سألته عن سبب ذلك قال : إن أبي قد ضربني وأنا صغير مرات لا أحصيها ظلماً وعدواناً ، وهذا ما سأفعله مع ابني !.

من المعروف أيها الإخوة والأخوات أن كثيرين ممن يميلون إلى الشدة في تربية أبنائهم يكون أهلوهم قد مارسوا معهم شدة مماثلة حين ربَّوهم ، وفي ظني أن الذين يقسون على أبنائهم قسمان :

قسم يمارس القسوة على أنها أسلوب تربوي صحيح ، ولماذا لا يكون صحيحاً ، وقد مارسه معه أبوه الذي كان مثقفاً ، ولأنه مثقف فهو يفرَّق بين الخطأ والصواب في تربية الأبناء !

والقسم الثاني : يقسو على أبنائه لشيء خفي ،هو التشفي والانتقام ، فهو ينتقم لنفسه من خلال ضرب ابنه !.

كنت قبل مدة أتساءل عن أسوأ شيء في التربية ؟

فوجدت أنه يتمثل في شيئين : القسوة و الإهمال .

القسوة في تربية الولد تجعله يحمل في ذهنه صورة سوداوية عن العالم ، و تجعل منه إنساناً متمرداً في بعض الأحيان وإنساناً ذليلاً مهيناً خائفاً في أحياناً أخرى .

أما الإهمال فأخطر من أن نعدد آثاره السيئة !.

أسوأ أنواع القسوة تلك التي تكون بإغراء من زوجة أب أو من منافس داخل الأسرة أو خارجها ، كما أن من أسوئها القسوة التي تكون بهدف حمل الولد على العبادة ، إنها تجعله ينفر من العبادة ، ومن التدين والالتزام ، أنا لا أطالب بتربية قائمة على التدليل وعلى التغاضي المطلق عن هفوات من نقوم على تربيته ، لكنني أطالب بتربية تقوم على الرحمة والتفهم والحزم والتوازن والمتابعة، وعلى أساس من معرفة تربوية راسخة .

وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

محبكم د.عبد الكريم بكار

في 4/ 5/ 1431هـ