خيرون ولكن …

إن من الملاحظ أن لدينا نسبة جيدة بحمد الله من الشباب والكهول الخيرين المتمسكين بأهداب الدين القويم ، وهذا شيء يبعث الرضا في النفس ويدعو إلى التفاؤل ،لكن كثيراً من هؤلاء يتلخص التزامه في عدد محدود من الأمور ، فهم في الغالب لا يقعون في الكبائر ، وإذا حدث ذلك فإنه يكون عبارة عن هفوة عابرة ، كما أنهم يؤدون الفرائض ، فهم يصلون ويصومون ، ويزكون أي إنهم على تخوم الالتزام . ويمكن لك أن تلاحظ عليهم بوضوح أمرين أساسيين :

الأول : هو الغفلة والذهول عن التفكير فيما بعد الموت وضعف الإحساس بمعية الله ـ تعالى ـ وأنه مطلع عليهم ،وهذا الإحساس هو الذي يولِّد الحب والخشية والحياء والتوكل والإنابة… ويجعل للحياة طعماً مختلفاً . إنك ترى الواحد منهم قد أدى الصلاة ـ غالباً في بيته ـ دون أن يسبِّح عقبها ، أو يكون له ورد من ذكر أو قراءة قرآن أو قيام ليل ..

الثاني : الانكفاء على الذات حيث تجد أن دوائر اهتمامات الواحد منهم تضيق يوماً بعد يوم، حيث لا تشعر أنهم يهتمون بأخبار أرحامهم أو بلادهم أو أمتهم ، إنهم مشغولون بأنفسهم ( شغلتهم أنفسهم ) وبالمنتجات التقنية الحديثة وحين تحدثهم عن هموم المسلمين ، فإنهم يُظهرون الضيق ، ويبحثون عن وسيلة لتغيير مجرى الحديث !.

إن مشكلة هذا الصنف من الناس تكمن في أمرين :

الأمر الأول هو : أنهم حرموا أنفسهم وأرواحهم من الصقل العظيم الذي يظفر به المكثرون للتنقل , و الحريصون على أن تظل ألسنتهم و قلوبهم رطبة بذكر الله ـ تعالى ـ و أولئك الذين لهم مشاركات تطوعية و خيرية جيدة.

الأمر الثاني هو أن بنية التدين لديهم تكون هشة , فمن السهل أن يجد أحدهم نفسه بعد مدة , و قد صار يفرِّط في بعض الواجبات , و يقع في بعض الكبائر و المنكرات العظيمة .

والأخطر من هذا أن درجة التزام كثير من أولادهم كثيراً ما تكون أقل من درجة التزامهم , و في هذا خسارة كبيرة جداً!.

قد آن الأوان لهذه الفئة الطيبة من الناس أن تستيقظ و تصحو من غفلتها , ففي التعبد و التقرب إلى الله – تعالى – و مساعدة الناس خير عظيم عاجل و آجل , بل إن ما ذكرناه هو الذي يجعلنا نشعر أن لحياتنا معنى, و أنها تختلف عن حياة الجماهير التائهة!

وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محبكم د.عبد الكريم بكار

في 25/ 4/ 1431هـ