وجهتي في الحياة

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

 

الحمد لله رب العالمين على ما تواتر من نعمائه وعلى ما تتابع من جميل كرمه و إفضاله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين .

وبعد :

فإن الله – تقدست أسماؤه – وضع كل أمة من الأمم في سياق فريد ، وجعل لها شرعة ومنهاجا ، ووجهة وجهها إليها ، كما أنه – سبحانه – وضع كل واحد منا في بيئة وأوضاع وظروف تحدد وجهته العامة في الحياة .

ومع هذا فإنه أمرنا بالعمل والجد والاجتهاد من أجل تحقيق الغايات الخيرة ، والوصول إلى الأهداف النبيلة ، وهذا معنى قوله – سبحانه – ” ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ” .فالسبق إلى الخيرات مطلوب مهما كانت الظروف التي نعيش فيها ، وعلى مقدار إخلاصنا وصدقنا وعملنا ، يكون العطاء ، ويكون الثواب والنجاح .

حين يتجاوز المرء الأربعين من عمره يجد نفسه فعلا ماضيا في طريق واضح المعالم ، ويدرك ما تحقق من أماله وما عليه أن يحققه وما هو من قبيل البعيد عن التحقيق ، أي أن بصيرته ووعيه بذاته ينضجان إلى حد كبير لكنهما لا يكتملان أبدا .

إننا حين نكتب عن اتجاهاتنا ورؤانا نمارس في الحقيقة نوعا من التقييم الذاتي وهذا يعني أننا نجتهد ، ونحاول وقد ننجح في المحاولة وقد لا ننجح .

ويجب أن يؤخذ كل ما سأقوله في هذه المقاربات على أنه كذلك . نحن في مسيرتنا الحياتية أشبه بكاتب لا يعرف التفاصيل الدقيقة التي يكتبها حتى ينتهي من كتابتها ، وإذا ضاعت صفحة من مقال كتبه ، وحاول كتابتها ثانية ، فإنه – ما لم يكن قد حفظها – لا يستطيع أن ينتج صفحة مماثلة تماما لما ضاع منه ، هكذا نحن لا نعرف كل ما فعلناه على وجه الدقة ، ولا نعرف أيضا ما سنفعله بشكل محدد ، فسيطرتنا على الماضي والمستقبل لم تكن أبدا كاملة ولن تكون .

سأحاول في هذه الورقات أن أنقل للقارئ وجهة نظري وانطباعاتي في الكثير من القضايا والأمور آملا أن يجد في ذلك عظة وعبرة أو منفعة وفائدة ، أو يجد خيطا من ضياء ينير جنبات المستقبل .

والله – تعالى – أسأل أن يرزقني السداد في القول والعمل  وأن يتقبل هذا الجهد ، ويجعله في موازين حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إنه ولي كل نعمة ومولى كل إحسان .